لماذا ينهق الحمار في رمضان، مع أن الشياطين تصفّد؟

By | 22 مارس، 2023
Spread the love

ثبت في السنة الصحيحة أن الحمار ينهق إذا رأى شيطانا

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا رواه البخاري (3303)، ومسلم (2729).

وثبت أن الشياطين تصفد في رمضان كما سبق بيانه

لكن، هل يلزم من هذا التصفيد أن تتوقف آثارهم وتصرفاتهم التي تستدعي التعوذ منهم، مثل ما ورد من الأمر بالتعوذ من الشيطان عند سماع نهيق الحمار؛ لأنه في هذه الحال يرى شيطانا؟

الجواب عن هذا: هو أن الحديث لم ينص إلا على التصفيد وهو القيد، وسياق الحديث يظهر منه أنه بهذا التصفيد يقل شرهم، لكن لم ينف عنهم كل قدرة على الحركة والإيذاء، فلم يقل بأنهم يوثقون في مكان لا يبرحونه، فالتصفيد لا يلزم منه انقطاع الحركة، فالإنسان قد توضع في يديه ورجليه السلاسل والقيود ومع ذلك يتحرك بها داخل سجنه أو أثناء تحويله من مكان إلى آخر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

” ثبت بالنص والإجماع منع الصائم من الأكل والشرب والجماع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ )، ولا ريب أن الدم يتولد من الطعام والشراب، وإذا أكل أو شرب اتسعت مجاري الشياطين… ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ )، فإن مجاري الشياطين الذي هو الدم ضاقت وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات التي بها تفتح أبواب الجنة، وإلى ترك المنكرات التي بها تفتح أبواب النار، وصفدت الشياطين فضعفت قوتهم وعملهم بتصفيدهم، فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلونه في غيره، ولم يقل إنهم قتلوا ولا ماتوا ، بل قال: ” صفدت ” والمصفد من الشياطين قد يؤذي، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون في غير رمضان … ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (25/246).

والحاصل:

أن نهيق الحمار معلق على أنه ( رأى شيطانا ) ، ولو رأى الشيطان وهو مصفد، فقد صح أنه رأى شيطانا، فمجرد رؤيته الشيطان، سبب لنهيقه، ولا تعلق لذلك لتصرف الشيطان بالإغواء أو غيره، ولا تعلق له أيضا بكون الشيطان مصفدا، أو غير مصفد ؛ فلا تعارض بين الحديثين.

وبكل حال؛ فهذا أمر من أمور الغيب التي تدرك بالسماع ولا يحاط بكيفيتها بمجرد العقل؛ فالواجب في مثل هذه المسائل أن يؤمن المسلم بها من غير أن يتكلف البحث في تفاصيلها.

والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *